الضرر المتوقع من كثرة هذا الشيء بين أيدي الناس، وأصرفها إلى مصالح أخرى من مصالح المسلمين.
المهم أنهم إذا ذكروا شبهة وجب عليه أن يكشفها، فلو قال مثلاً: ارجعوا وراءكم أنا الإمام، ولا لأحد عليَّ اعتراض، لا أسأل عما أفعل، وأنتم تسألون، فماذا نقول؟ نقول: هذا لا يجوز، وحرام عليه أن يقول هذا القول.
فإن قال قائل: كيف يلزمه أن يبين الشبهة، وهو ولي الأمر، وليس لأحد أن يحاسبه؟
فالجواب: أنه يلزمه أن يبين ذلك درءاً للمفسدة، وليكون له عذر إذا قاتلهم؛ حتى لا يقول قائل: إنه قاتلهم قتالاً أعمى؛ لأنه إذا بَيَّن الحق، وأزال الشبهة، ثم أصروا على القتال، فله العذر في مقاتلتهم، فإذا أزال المظلمة، وكشف الشبهة، واستقام على ما ينبغي أن يكون عليه، ولكنهم أصروا أن يقاتلوا، قال المؤلف:
«فَإِنْ فَاؤُوا وَإِلاَّ قَاتَلَهُمْ» وجوباً، لا استحباباً، ولا إباحة، فإذا فاؤوا ورجعوا، وأغمدوا سيوفهم، وذهبوا إلى بيوتهم، فذلك هو المطلوب، وهو الذي به الأمن والاستقرار، وإن أبوا قاتلهم وجوباً لدفع شرهم، ولهذا قال المؤلف:«قاتلهم» ولم يقل: قتلهم، والفرق أنه في القتال إذا كف المقاتل وجب الكف عنه، ولا يجوز اتباعه، ولا الإجهاز على جريحه، ولا أن نغنم ماله، ولا سبي ذريته؛ لأنه يجوز قتاله فقط، ولا يجوز قتله، فإذا أدبروا وانهزموا فإننا لا نتبعهم، فليس كل من جاز قتاله جاز قتله، ولهذا يقاتل الناس إذا تركوا الأذان مثلاً، ولكن هل يجوز قتلهم؟ لا، فلو أن ناساً تركوا