للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلو أن أحداً رأى منكراً في السوق، وأراد أن يغيره بيده، فنقول: لا شك أن الرسول يقول: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده» (١)، لكن إذا كان هذا مما يغيره ولاة الأمور، فإنه لا يجوز أن نفتات على ولي الأمر، ونعتدي على حقه، فنفعل نحن بأنفسنا؛ لأن هذا يترتب عليه مفاسد كثيرة أكبر من مصلحة تغييره، ويمكن أن يغير من طريق آخر، وهذه المسائل دقيقة ومهمة، فإن بعض الإخوة الغيورين على دين الله ﷿ قد يتجرؤون في مثل هذه الأمور، فيحصل من المفاسد أكثر مما يحصل من المصالح، فالأمور المنوطة بالمسؤولين ليس لنا أن نفتات عليهم، أما غير المنوطة بهم فنغير بأيدينا، وألسنتنا، وقلوبنا، فالمرتد كما قال المؤلف مباح الدم، ومع ذلك لو أن أحداً من الناس قتله فإن المؤلف يقول: يعزر القاتل مع أنه قتل شخصاً حلال الدم، لكن يعزر لافتياته على الإمام، إلا إذا لحق المرتد بدار الحرب، وهم الذين بيننا وبينهم حرب، فإنه حينئذٍ يجوز لكل واحد أن يقتله؛ لأنه صار في حكم هؤلاء المحاربين.

قال: «والطفل الذي لا يعقل، والمجنون، ومن زال عقله بنوم، أو إغماء، أو شرب دواء مباح لا تصح ردته، ولا إسلامه؛ لأنه لا حكم لكلامه، فإن ارتد وهو مجنون فقَتَلَهُ قاتل فعليه القود، وإن ارتد في صحته ثم جُنَّ لم يقتل في حال جنونه، فإذا أفاق


(١) أخرجه مسلم في الإيمان باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان … (٤٩) عن أبي سعيد الخدري ـ رضي
الله عنه ـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>