للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استتيب ثلاثاً فإن تاب وإلا قتل»؛ لأنه قتل معصوماً عمداً وعدواناً.

وقوله: «أو شرب دواء مباح» أفادنا أنه إذا زال عقله بشيء محرم، كما لو شرب مسكراً متعمداً فإنه يؤاخذ بأقواله، فحكمه حكم الذي معه عقله، فإذا طلق وقع الطلاق، وإذا أقر بمال ثبت عليه ما أقر به، وإذا ارتد ثبت عليه حكم المرتد وقتل، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، والصحيح خلاف ذلك، وهو أن من شرب مسكراً مع التحريم فإنه لا يعزَّر بأكثر مما جاءت به الشريعة، وهو أن يجلد أربعين جلدة، أو ثمانين جلدة، أو أكثر حسب ما يكون به ردع الناس عن هذا الشراب المحرم، وأما أن نؤاخذه بأقواله، وأفعاله، وهو لا يعقل فلا يمكن.

واختلف العلماء في فعله، هل يؤاخذ به؟

والصواب أن فعله كفعل المخطئ، لا كفعل المتعمد، فلو قتل إنساناً لم يقتص منه؛ لأنه لا عقل له، ولكن تؤخذ منه الدية، إلا إذا علمنا أنه تناول المسكر لتنفيذ فعله فإنه يؤاخذ به، يعني لو فرضنا أن هذا الرجل يريد أن يقتل شخصاً، فقال: إن قتلته وأنا عاقل قتلوني به، ولكن أشرب مسكراً وأقتله، وأنا سكران، ففي هذه الحال نقول: إنه يقتل؛ لأنه سَكِرَ من أجل الوصول إلى العمل المحرم، والعبرة في الأمور بمقاصدها، لقول النبي : «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» (١).

* * *


(١) رواه البخاري في بدء الوحي باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله (١)، ومسلم في
الإمارة/ باب قوله: «إنما الأعمال بالنيات» (١٩٠٧) عن عمر بن الخطاب .

<<  <  ج: ص:  >  >>