رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ﴾ [القصص:٥٩]، ولا ظلم مِمَّن أتى شيئاً لا يعلم أنه معصية، أو أنه كفر.
وقال النبي ﵊:«إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه»(١)، والجهل بلا شك من الخطأ، فعلى هذا نقول: إذا فعل الإنسان ما يوجب الكفر، من قول، أو فعل جاهلاً بأنه كفر، أي: جاهلاً بدليله الشرعي، فإنه لا يكفر، ولكن يبقى النظر هل كل إنسان يعذر بالجهل؟
نقول: من أمكنه التعلم فلم يتعلم فقد يكون غير معذور بجهله، وحينئذٍ يخرج من القاعدة العامة، كمن قال: أنا لا أدري أن الصلاة واجبة، وهو يعيش في دار الإسلام، فيقال له: كيف لا تدري، وأنت تشاهد الناس يؤذنون، ويذهبون إلى المساجد ويصلون؟! فأنت غير معذور، فهذه المسألة محل تأمل، هل هذا الذي جهل الحكم معذور بترك التعلم أو لا؟
فيقال: قد يكون معذوراً، أو غير معذورٍ، فإذا فرضنا أنه قد عاش في بيئة تفعل الكفر، وعلماؤها موجودون وهم يُقرُّون ذلك ولا ينكرونه، ولم يتكلم أحد منهم عنده بأن هذا كفر، ككثير من العامة في البلاد الإسلامية الذين يدعون القبور، وأصحاب القبور، وما أشبه ذلك، فقد يقال: إن هذا الرجل معذور؛ وقد عاش في بلدٍ تعتبر بلاداً يظهر فيها الشرك، ولا سمع بأن هذا شرك، فهذا قد يعذر؛ لأنه ليس لديه سبب يوجب الانتباه، وطلب العلم.