أما إذا كان في بلد يُبَيَّنُ فيها الحق، ويقال: إن هذا شرك، ولكنه يقول: أنا سأتبع الشيخ، كبير العمامة، واسع الهامة، طويل الأكمام، طويل المسواك، وأما غيره فلن أتبعه، فهذا غير معذور؛ لأنه مهما يكون الشيخ في إظهار التنسك، وأنه الشيخ الإمام، العالم، العلامة، فإن هذا ليس عذراً لك؛ لأن عندك من يبين الحق ببراهينه، فأنت غير معذور، فالمسألة تحتاج إلى أن ينتبه الإنسان، ويتحقق حتى يتحقق المناط في هذا الرجل بعينه أنه كافر، أو غير كافر.
وقد ذكر شيخ الإسلام ﵀ في عدة مواضع من كلامه أن هناك فرقاً بين القول والقائل، وبين الفعل والفاعل، وأن القول قد نطلق عليه أنه كفر مخرج عن الملة، لكن القائل لا نخرجه من الملة حتى تقوم عليه الحجة، وكذلك الفعل، فنقول: هذا فعل مخرج من الملة، ولكن الفاعل لا نخرجه عن الملة إلا إذا قامت عليه الحجة، ولهذا قال شيخ الإسلام ﵀: إن الأئمة ﵏ ومنهم الإمام أحمد، وغيره لم يكفروا أهل البدع إلا الجهمية، فإنهم كفروهم مطلقاً؛ لأن بدعتهم ظاهر فيها الكفر، وأما الخوارج والقدرية ومن أشبههم فإن الإمام أحمد نصوصه صريحة بأنهم ليسوا بكفار.
وقد أنكر ﵀ على من جعل الدين أصولاً وفروعاً، وأن الأصول يُكفَّر فيها، والفروع لا يُكفَّر، وقال: إن هذا القول إنما جاء من أهل الكلام، فهو قول مبتدَع، ولكن تبعهم على ذلك بعض الفقهاء، وقال لهم: فسروا الأصول ما