للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الذي ذكره شيخ الإسلام خوف الأذية والتُّخمة ممَّا ضرره في غيره، وهو الإكثار، يعني هو بنفسه ليس بضار، لكن الإكثار منه يكون ضاراً مؤذياً، حتى وإن لم يتضرر، لكن الظاهر لي من الناحية الطبية أنه يتضرر؛ لأن المعدة إذا ملأتها سوف تتأذى وتتعب. وهل الشِّرِّية في قوله : «ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه» تعتبر شراً شرعياً أو أنه من الناحية العادية؟ هذا محل توقف وتأمل ولا شك أن الأحسن والأفضل هو ما أرشد إليه النبي وجرِّب تجد.

وقد قيل: إن من الأمور المهلكة إدخال الطعام على الطعام، فإذا صح ذلك كان ـ أيضاً ـ حراماً؛ لأن الله يقول: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: ٢٩].

ولا يبعد أن يكون هذا صحيحاً، وهو أمر مجرَّب، وقد ضربوا له مثلاً، برجل أعطى عُمَّالاً عملاً يقومون به، وقبل أن يستكملوا العمل أضاف إليهم عملاً آخر، ومعلوم أنهم لا يمكن أن يشتغلوا بالعَمَلين إلاَّ على حساب أحدهما، فإذا بدؤوا بالشغل الجديد فالشغل القديم يختل، والمعدة إذا استقبلت الطعام الجديد اختل هضمها للطعام الأول، ولا سيما أن الهضم جعل الله له غدداً تفرز مواد بحسب بقائه في المعدة.

وللهضم عند الأطباء مراتب: النضج الأول، والثاني، والثالث، والرابع، فلا بد أن يكون هناك موازنة، حتى يَعرف الإنسان ما مرتبة، أو ما درجة الطعام الأول؟ وهل يمكن أن يضيف إليه طعاماً آخر أو لا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>