للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المغربُ يقومون فيُصلّون، وكان النبيُّ يراهم ولا ينهاهم (١)، وهذا يدلُّ على أن معنى التَّعجيل أن يبادر الإنسان من حين الأذان، ولكن يتأخَّر بمقدار الوُضُوء والركعتين وما أشبه ذلك.

قوله: «إلا ليلة جَمْعٍ»، جَمْع اسم «مُزْدَلِفة»، وسُميت جَمْعاً؛ لاجتماع الناس فيها ليلة العيد، من قريش وغيرهم، و «عَرَفة» لا يجتمع فيها الناس؛ لأن قريشاً في الجاهلية كانوا لا يقفون في «عرفة»، ويقفون في «مزدلفة».

قوله: «لَمن قَصَدها مُحْرماً»، أي: قصد «جَمْعاً» محرماً، فالضَّمير هنا يعود على «جَمْع»، وليس على الصَّلاة، ولو قال المؤلِّف : إلا ليلة مُزْدَلفة للحاجِّ لكان أوضح وأخصر، وهو مؤدَّى العبارة، لكن كثيراً من الفقهاء، ولا سيّما أصحاب المذاهب المقلِّدة، يتناقلون العبارة من أوَّل مَنْ عَبَّر بها إلى آخر من تكلَّم بها، ولا سيَّما وأن هذا الكتاب مختصر من «المقنع» للموفق، فتجده تَبِع في العبارة من سبقه.

وعلى كُلٍّ؛ فالمؤلِّف استثنى في صلاة المغرب مسألة واحدة وهي: الحاجُّ إذا دفع من «عَرَفة» فإنه لا يُصلِّي في «عَرَفة» ولا في الطريق، بل يُصلِّي في «مُزْدَلفة».

ودليل ذلك: أنَّ النبيَّ لما نزل وبَالَ في «الشِّعْبِ» قال له أسامة بن زيد ـ وكان رديفاً له ـ: الصَّلاةَ يا رسول الله، فقال: «الصَّلاةُ أمامك» (٢) فلم يصلِّ. إذاً؛ يؤخِّرها إلى مُزْدَلِفة. واستثنى


(١) متفق عليه، وقد تقدم تخريجه ص (٧٧).
(٢) رواه البخاري، كتاب الوضوء: باب إسباغ الوضوء، رقم (١٣٩)، ومسلم، كتاب الحج: باب الإفاضة من عرفات، رقم (١٢٨٠) من حديث أسامة بن زيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>