وقد اشتهر عند العامة أن نوعاً من السعال (الكَحَّة) يُداوى بلبن الأتان، ويقولون: إذا حلّت الضرورة حلت المحرمات.
«حلت» الأولى بمعنى نزلت، و «حلت» الثانية بمعنى أُبيحت، ففيه جناس تام، وهذا غير صحيح وليس له أصل، لأمرين:
الأول: أن الله لم يجعل شفاءنا فيما حرم علينا.
الثاني: أن الضرورة التي تبيح المحرم يشترط لها شرطان:
الأول: أن يتعين دفع ضرورته بهذا الشيء لا بغيره.
الثاني: أن تندفع ضرورته به.
فهل الدواء ينطبق على هذا أو لا؟
الجواب: لا ينطبق، أولاً: لأن الإنسان قد يُشفى بدون تناول الدواء، وهذا شيء كثير، وكم شفينا ـ والحمد لله ـ من أمراض كثيرة بدون أن نتناول دواءً، وغالب الناس مر عليه هذا، إذاً لسنا في ضرورة لتناول الدواء.
ثانياً: ربما يكون هناك دواء غير هذا يغني عنه، فلسنا في ضرورة إلى هذا الدواء.
وقولنا:«أن تندفع ضرورته به» فهل الدواء تندفع به الضرورة؟
الجواب: قد تندفع وقد لا تندفع، يعني قد يُفيد، وقد لا يفيد، ولهذا جاء في الحديث الصحيح عن الرسول عليه الصلاة