والسلام:«الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام»(١)، يعني الموت، فإذا لم يرد الله ﷿ أن يشفي هذا المريض لم يُشفَ ولو بالدواء.
وإذا جاء الأمر بعد النهي فهو للإباحة، وإذا جاء الحل بعد التحريم فإنه يقصد به انتفاء التحريم، ولا ينفي أن يكون الشيء واجباً، فقول المؤلف:«حل له» أي: ارتفع التحريم؛ لأنه في هذه الحال إذا اضطر إلى أكل المحرم لا نقول: هو حلال، إن شئت فَكُل، وإن شئت فلا تأكل، بل يجب أن يأكل؛ لإنقاذ نفسه، وعليه فيكون التعبير هنا بالحل في مقابل التحريم، فلا ينافي الوجوب.
المسألة الثانية: لو اضطر إلى شرب ماء محرمٍ هل يشرب؟
الجواب: نعم يشرب، ولو اضطر إلى شرب الخمر فلا يشرب، يقول العلماء: إن الخمر لا يغني من العطش، بل يزيد العطش، ومع ذلك إذا اضطر إليه بحيث تندفع ضرورته بتناوله حل له الخمر، ومثَّلوا لذلك برجل غصَّ بلقمةٍ ولم يكن عنده إلا كأس خمر، فله أن يتناول ما يدفع اللقمة فقط ثم يمسك؛ لأنه هنا تندفع به الضرورة، أما غيرها فلا تندفع به الضرورة.
قوله:«ومن اضطر إلى نفع مال الغير مع بقاء عينه لدفع برد، أو استسقاء ماء، ونحوه وجب بذله له مجاناً» الاضطرار إلى مال الغير إما أن يكون إلى عينه، وإما أن يكون إلى نفعه.
(١) أخرجه مسلم في الزكاة/ باب الابتداء بالنفقة بالنفس (٩٩٧) عن جابر بن عبد الله ﵄.