لم يُذكر اسم الله عليه ليس بمال؛ لأنه ميتة، والميتة ليست بمال، فقد ثبت في الصحيحين أن النبي ﷺ قال يوم فتح مكة:«إن الله حرم بيع الميتة»(١) فتركه وإلقاؤه للسباع لا يعتبر إضاعة مال.
ثم نقول: ليس في هذا إضاعة مال على وجه الإطلاق؛ إذ من الممكن أن يؤخذ جِلْدُ هذه الميتة، ويُدبغ، ويكون طاهراً؛ لأن جلد الميتة يطهر بالدباغ، ويمكن أن نأخذ صوفها، ويمكن أن نأخذ شحمها ندهن به السفن، والجلود، وما أشبه ذلك، وفي استعماله في أمرٍ لا يتعدَّى.
ثم نقول ـ جواباً ثالثاً ـ: إننا إذا قلنا ذلك حفظنا المال في الواقع؛ لأن الإنسان متى ذكر أنه رمى شاته في ذلك اليوم الذي نسي أن يسمِّي عليها، فإنه في المرة الثانية لا يترك التسمية، بل قد يسمي مرتين أو ثلاثاً فحينئذٍ لا يكون في ذلك إضاعة مال.
وما إيراد إضاعة المال في مثل هذه المسألة، إلا كإيراد من قال: إنك إذا قطعت يد السارق قطعت نصف أيدي الشعب، وبقي نصف الشعب ليس له إلا يد واحدة!! نقول: هذا الذي يكون نصف الشعب فيه سارقاً هو الشعب الذي لا تُقطع فيه اليد، وأما الذي تقطع فيه اليد فإن السُّرَّاق يقلِّون بلا شك، أو يعدمون.
فالحاصل أنك كلما تأملت هذه المسألة وجدت أن الصواب ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀، وأن التسمية لا تسقط لا سهواً، ولا جهلاً، كما لا تسقط عمداً.
(١) أخرجه البخاري في الذبائح والصيد/ باب صيد المعراض (٥٤٧٦)، ومسلم في الصيد والذبائح/ باب الصيد بالكلاب المعلمة (١٩٢٩) من حديث عدي بن حاتم ﵁ واللفظ له.