الكراهة كما ذكره أهل العلم؛ لأنه لو لزم من ترك السنة الكراهة، لكان كل إنسان يترك مسنوناً يكون قد فعل مكروهاً، وليس كذلك، وإنما الكراهة حكم إيجابي لا بد له من دليل.
ثم إنه قد يقول قائل: إن الرسول ﷺ وجَّه أضحيته؛ لأنه ذبح عبادة، وليس ذبح عادة، ومعلوم أن العبادة لها من الخصائص ما ليس للعادة، فلو أن أحداً قال: أنا أطالبكم بالدليل على استحباب توجيه الذبيحة إلى القبلة إذا لم تكن من الذبائح المشروعة، مثل الأضحية، والهدي، والعقيقة، والنذر لكان له وجه.
لكن نقول: هذا فعل واحد، فمن فرق فيه بين العبادة والعادة فعليه الدليل، وإذا ثبت أن الرسول ﷺ وجَّهها فليكن هذا هو المشروع، إنما القول بالكراهة يحتاج إلى دليل، ولا أعلم للفقهاء ﵏ في هذه المسألة دليلاً.
قوله:«وأن يكسر عنقه أو يسلخه قبل أن يبرد» المراد بقوله: «أن يبرد» أي: قبل أن تخرج روحه، وهو عائد على المسألتين جميعاً، وكسر العنق قبل أن يبرد ـ يعني قبل أن يموت ـ فيه إيلام له، ولهذا نهى النبي ﷺ عن ذلك فقال:«لا تعجلوا الأنفس قبل أن تزهق»(١) يعني قبل أن تخرج بنفسها، يعني لا تفعلوا شيئاً يؤدي إلى سرعة الموت، ما دمتم ذبحتموها ذبحاً يحصل به الموت فقفوا عند ذلك، هذا دليل، وأما التعليل فلأن فيه إيلاماً بلا حاجة، وتعليل آخر لأن فيه إسراعاً لموتها، وقد