للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجواب: أن الله لم يثنِ على الناذرين، وإنما أثنى على الموفين، وفرق بين الأمرين، فقوله تعالى: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ﴾ [الإنسان: ٧]، معناه أنهم إذا نذروا لله شيئاً لم يهملوه، بل قاموا به، وفيها قول آخر: أن المراد بالنذر كل الواجبات، فهي نذر لقوله تعالى في الحج: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾ [الحج: ٢٩]، مع أنهم ما نذروا، ومثل ذلك قوله تعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ﴾ [البقرة: ٢٧٠]، والمعنى أوفيتم نذراً نذرتموه.

أما الوفاء به فإنه ينقسم إلى خمسة أقسام وسيأتي بيانها.

وقولنا: «إلزام المكلف» المكلف هو البالغ العاقل، فلو قال الصبي الذي لم يبلغ: لله علي نذر أن أفعل كذا، وكذا، فإنه لا ينعقد النذر؛ لأن الصغير ليس أهلاً للإيجاب شرعاً؛ لأنه قد رفع عنه القلم.

وقولنا: «شيئاً يملكه غير محال» فلو نذر شيئاً لا يملكه فإن النذر لا ينعقد؛ لقول النبي : «لا نذر لابن آدم فيما لا يملك» (١)، ولو نذر أن يعتق الحر، فإنه لا ينعقد؛ لأن هذا شيء لا يملكه، ولو نذر أن يطير فإنه لا ينعقد؛ لأنه محال.

قوله: «لا يصح إلا من بالغ عاقل» والدليل قوله : «رفع


(١) أخرجه أحمد (٢/ ١٩٠)، والنسائي في الأيمان والنذور/ باب كفارة النذر (٧/ ٢٩)، والترمذي في الطلاق واللعان/ باب ما جاء لا طلاق قبل النكاح (١١٨١)، وابن ماجه في الكفارات/ باب النذر في المعصية (٢١٢٤)، والحاكم (٢/ ٢٢٢)، والطبراني في الكبير (١٨/ ١٧٩). قال الترمذي: حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>