باب نية الخير شكراً لله ﷿، وفرق بين من يلتزم بالنذر، وبين من يريد بدون التزام.
والحقيقة أن هذه المناقشة قوية، بمعنى أنه ليس في الحديثين دلالة صريحة على أنهما نذرا لله بذلك، فلا شك أن الإنسان إذا أوفى بنذره وتصدق بجميع ماله مع حسن ظنه بربه، وصدق اعتماده عليه، وأن له جهات يُمكن أن يقوم بواجب كفايته وكفاية عائلته، لا شك أن صدقته بجميع ماله أبرأ لذمته وأحوط، وأما الاقتصار على الثلث مطلقاً ففي النفس منه شيء.
وقوله:«أو بمسمى منه يزيد على ثلث الكل»(مسمى منه) يعني مُعَيَّناً من ماله يزيد على ثلث الكل.
وقوله:«فإنه يجزئه قدر الثلث» يعني ثلث الكل، مثال ذلك قال: لله عليَّ نذر أن أتصدق بهذه السيارة، فنظرنا ما عنده من المال فإذا السيارة تساوي عشرين ألفاً، وعنده عشرة آلاف فقط، فيجزئه ثلث الكل وهو عشرة آلاف، وتبقى السيارة له، أو نقول: بعها ثم تصدق بنصف قيمتها، ولا يلزمه أن يبيعها؛ لأنه لو باعها سوف يأخذ نصف القيمة، لكن إذا باعها فهو أحسن من جهة؛ لأنه أخرجها لله وطابت نفسه بها، فكونها لا تدخل ملكه أحسن.
وقوله:«أو بمسمى منه يزيد على ثلث الكل فإنه يجزئه قدر الثلث» هذا أحد القولين في مذهب الإمام أحمد، ولكن المذهب المشهور عند المتأخرين أنه يلزمه أن يتصدق بالمسمى، وإن زاد على الثلث، ففي مثالنا هذا يلزمه أن يتصدق بالسيارة كلها، ويقولون: إن الفرق بينه وبين الكل، أن الكل عبارة عن كل