للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسول كان إذا أمّر أميراً على جيش أو سرية أوصاه بمن معه من المسلمين خيراً، وذكر الحديث، وفيه أنه إذا لقي عدوه دعاه إلى الإسلام، فإن أبى أخذ منه الجزية، فإن أبى قاتله، وهذا عام، بل قال : «إذا لقيت عدوك من المشركين»، وهذا هو الصحيح أن الجزية تؤخذ من كل كافر، فصار الحربيون ما لنا معهم إلا حالان: القتال، أو الاستسلام للجزية، إلا إذا أسلموا.

ثانياً: المعاهدون، وهم الذين نعقد بيننا وبينهم عهداً أن لا يعتدوا علينا، ولا نعتدي عليهم، وأن لا يعينوا علينا ولا نعين عليهم، وهؤلاء لا يخلو أمرهم من ثلاث حالات:

الأولى: أن يستقيموا على العهد وينفذوه تماماً، وفي هذه الحال يجب علينا أن نستقيم لهم؛ لقوله تعالى: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُّمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة: ٧]، والوفاء بعهدهم لا شك أنه من محاسن الإسلام.

الثانية: أن يخونوا وينقضوا العهد، وفي هذه الحال يكونون حربيين، يعني ينتقض عهدهم، ودليل ذلك ما جرى لقريش حين عاهدهم النبي في الحديبية، ومن جملة شروط العهد أن لا يعينوا عليه وعلى حلفائه أحداً، فنقضوا العهد بأن أعانوا حلفاءهم على حلفاء النبي (١).

الثالثة: أن لا ينقضوا العهد، ولكننا لا نأمنهم، ونخاف


(١) انظر: تفسير الطبري (١٠/ ٩١) ط. دار إحياء، وتفسير ابن كثير (٢/ ٣٣٩) ط. دار الفكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>