منهم نقض العهد، فهؤلاء نعاملهم معاملة وسطاً، بأن ننبذ إليهم عهدهم، فنقول: ليس بيننا وبينكم عهد، والعهد الذي بيننا وبينكم مفسوخ منبوذ، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ *﴾ [الأنفال: ٥٨].
ثالثاً: أهل الذمة، وهم الذين عقدنا لهم الذمة التي تتضمن حمايتهم وإعطاءهم حقوقهم الشرعية على أن يبذلوا لنا الجزية، وهي شيء يجعله الإمام على كل واحد منهم، وتفصيلها معروف في كتب الفقه، فهؤلاء يجب علينا نحوهم أن نعطيهم كل الحق الذي يقتضيه عقد الذمة.
رابعاً: المستأمنون الذين طلبوا الأمان على أنفسهم وعلى أموالهم لمدة معينة، فهؤلاء دون المعاهدين، ودون أهل الذمة، وفوق الحربيين، ولهذا يصح الأمان حتى من غير الإمام؛ لقول النبي ﵊:«قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ»(١)، فيمكن لأي واحد من الناس أن يدخل أحداً من الكفار إلى بلاد الإسلام بأمان، وما دام مُؤمِّناً له فإنه لا يجوز لأحد أن يعتدي عليه، ودليل هذا قوله ﵎: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ﴾ [التوبة: ٦].
والمهم أن الإمام يقوم بهذه الأمور الأربعة: العلم، والعمل، والدعوة، والسياسة.
(١) أخرجه البخاري في الصلاة/ باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفاً به … (٣٥٧)، ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها/ باب تستر المغتسل بثوب ونحوه (٣٣٦) عن أم هانئ ﵂.