يصح أن يكون قاضياً، ولكن يجب أن نعلم أن هذا الشرط يطبق، أو يعمل به بحسب الإمكان، فإذا لم نجد إلا حاكماً فاسقاً فإننا نوليه، ولكن نختار أخف الفاسقين فسقاً، لقول الله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٦]، وإلا فلو نظرنا لمجتمعنا اليوم لم نجد أحداً يسلم من خصلة يفسق بها، إلا مَنْ شاء الله، فالغِيبة فسق وموجودة بكثرة، والتغيب عن العمل، والإصرار على ذلك، وكونه لا يأتي إلا بعد بداية الدوام بساعة، ويخرج قبيل نهاية الدوام بساعة مثلاً، فالإصرار على ذلك فسق؛ لأنه ضد الأمانة، وخيانةٌ، وأكلٌ للمال بالباطل؛ لأن كل راتب تأخذه في غير عمل، فهو من أكل المال بالباطل، ولو نظرنا ـ أيضاً ـ لمجتمعنا لوجدنا كثيراً من الناس يتهاون في إسبال الثوب، ولا يهمه إذا أسبل، ونجد ـ أيضاً ـ كثيراً من الناس يتهاون بالنيل من لحيته، إما حلقاً أو تقصيراً، فإذا كنا لا نجد في الناس من يتصف بصفات العدالة، فإننا نولي أخف الفاسقين فسقاً.
والمعصية وإن كانت تفسق فهل تزيل الولاية، أو نقول: إن الولاية شيء والفسق شيء آخر؛ لأن من الناس من يكون فاسقاً، لكن ولايته من أتم ما يكون من الولايات؟
السابعة: قوله: «سميعاً» وضده الأصم الذي لا يسمع، فلو وقع عند أذنه أقوى صوت في الدنيا ما سمعه، فهذا لا يصح أن يكون قاضياً، قالوا: لأنه لا يسمع كلام الخصمين، وظاهر كلامهم أنه لا يصح أن يكون قاضياً ولو أمكن إيصال كلام الخصمين إليه عن طريق الكتابة، أو الإشارة، وقد أدركت رجلاً