للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب: لا، بل يبقى في ذمَّتك حتى توفّيه، ولو بعد حين، وقد سمَّى النبيُّ العبادات «دَيْناً» (١)، فإذا كان سمَّاها «دَيْناً» فإنه يجب قضاؤها، ولو تركها لغير عُذر.

أما دليل الذين قالوا بعدم الوجوب إذا كان لغير عُذر فهو ما يلي:

أولاً: أن هذه الصَّلاة المؤقَّتة محدودة أولاً وآخراً، والمحدود موصوف بهذا الوقت، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: ١٠٣]، أي: صلاتها في هذا الوقت، فإذا أخَّرها عنه بلا عُذر فقد صلاَّها على غير الوصف الذي فُرضت عليه، فترك واجباً من واجباتها عمداً فلا تصحُّ، كما لو صَلَّى بغير وُضُوء عمداً بلا عُذر فإنَّها لا تصحُّ .....

ثانياً: إذا أخَّرها عن وقتها لغير عُذر فقد فعلها على وجهٍ لم يُؤمر به، وقد ثبت عن النبيِّ أنه قال: «من عَمِل عملاً ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ» (٢). وهذا نصٌّ صريحٌ عامٌ، «من عَمِل عملاً»، عملاً: أيَّ عمل يكون؛ لأنه نكرة في سياق الشَّرط فكان للعموم؛ «فهو ردٌّ»، أي: مردود.

ثالثاً: أنه لو صلَّى قبل الوقت متعمِّداً فصلاته لا تجزئه بالاتفاق (٣)، فأيُّ فرق بين ما إذا فعلها قبل الوقت أو فعلها بعده؟ فإن كُلَّ واحد منهما قد تعدَّى حُدودَ الله ﷿، وأخرج العبادة عن وقتها: ﴿وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة: ٢٢٩].


(١) تقدم تخريجه ص (١٣٦).
(٢) تقدم تخريجه (١/ ١٨٦).
(٣) انظر: «المغني» (٢/ ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>