للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سفيان؛ لأنه كان مشهوراً في قومه بالبخل؛ لأن الرسول قال: «إنما أقضي بنحو ما أسمع» (١)، فحديث هند ليس فيه دليل على القضاء على الغائب.

فإذا قال قائل: كيف يستدل هؤلاء العلماء بهذا الحديث، وعدم الدلالة فيه واضحة؟

فالجواب: أن هذه المسألة ليست أول مسألة يكون فيها الدليل واضحاً، ويحصل فيها الخلاف، فما أكثر المسائل التي فيها الخلاف، والأدلة فيها واضحة، وما أكثر المسائل التي يستدل بها قائلوها بأدلة من الكتاب والسنة وليس فيها دليل؛ لأن الله ﷿ يؤتي فضله من يشاء، فكما أن هذا غني وهذا فقير، وهذا حسن الخلق وهذا سيء الخلق، وهذا طويل وهذا قصير، وهذا جميل وهذا قبيح، فكذلك في الفهم، وإلا فإن الإنسان بأدنى تأمل يتبين له أن قصة هند لا تدل على الحكم بظاهرها، لا سيما أن الصورة التي وقعت لا يحكم فيها على الغائب من استدل بها؛ لأنهم لا يحكمون على الغائب إلا ببينة؛ لأنه لا يمكن ثبوت الحق مع غيبة المدعى عليه إلا ببينة؛ لأن الإقرار متعذر، فالمدعى عليه ليس حاضراً، فكان لا بد من البينة والرسول لم يطلبها.

وإذا قلنا بجواز القضاء على الغائب، سواء مطلقاً كما هو المذهب، أو بحسب القرائن كما هو المختار عندي، فإنه يجب أن نحتاط للمدعى عليه، وكيف نحتاط؟ نقول للمدعي: احلف أنه


(١) سبق تخريجه ص (٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>