عليه قد أوفى هذه المائة، وإذا كان جائزاً فإنه إذا وجد الاحتمال بطل الاستدلال، فهذه البينة صادقة فيما شهدت به، لكن احتمال القضاء وارد، إذاً يجب الانتظار في الحكم حتى ننظر ما عنده.
والحقيقة أن القولين كليهما له وجهة نظر، والذي أرى أن يرجع إلى رأي الحاكم في هذه المسألة، فقد يجد الحاكم من القرائن ما يقتضي الحكم على الغائب؛ لكون هذا المدعي رجلاً ثقة عدلاً، لا يمكن أن يدعي ما ليس له، والمدعى عليه بخلاف ذلك، فإذا كان عنده من القرائن ما يدل على صحة دعوى المدعي فليحكم بذلك، وإذا لم يكن عنده قرائن فالواجب أن يمسك ولا يحكم حتى ينظر حجة الخصم؛ لاحتمال أنه قضاه.
فإن قلت: نحتاج إلى الجواب عن حديث هند بنت عتبة ﵂، فالجواب عن ذلك سهل جداً، وهو أن يقال: إن الرسول ﷺ أفتاها ولم يحكم لها، والفتوى غير الحكم، ويدل على أن ذلك ليس بحكم التالي:
أولاً: أن الرسول ﷺ لم يطالبها بالبينة، ولو كان من باب الحكم لطالبها بالبينة؛ لأن البينة على المدعي، فلما لم يطالبها علم أنه أفتاها بمقتضى قولها.
ثانياً: أن ذلك كان في مكة، وكان أبو سفيان ﵁ حاضراً في مكة ولم يكن مختفياً، فلو كان قضاء لأحضره النبي ﷺ، وبهذا أجاب النووي ﵀ وهو جواب صحيح.