لأنها إفراز لا بيع، أما إذا كانت قسمة تراضٍ فإنها لا تلزم بمجرد القسمة، بل لهم الخيار ما داموا في المجلس؛ لأنها بيع، والبيع فيه الخيار، قال النبي ﵊:«المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا»(١).
التخيير مثاله: لما قسمنا الأرض المشتركة قلت لك: اختر، فتخيرت، فالمسألة هنا واضحة، فإذا أبى كل واحد منا أن يخير الآخر نلجأ إلى القرعة، وكيفما اقترعنا على أي صفة جاز، فإذا اقترعنا لزمت القرعة، وهذا في قسمة الإجبار، وأما في قسمة التراضي فكما سبق لكلٍّ منا الخيار ما دمنا في المجلس.
فلو قسمنا بيننا ثمر نخل خرصاً على رؤوس النخل، فإنه يجوز؛ لأن هذا إفراز وليس ببيع، ولو كان بيعاً ما جاز؛ لأنه لا يجوز أن يبيع عليك ثمر نخل على رؤوس النخل خرصاً، فإذا قسمناه خَيَّر أحدنا الآخر، فاختار المخير نصيبه، ثم بعد ذلك رجع وقال: القسمة فيها خطأ فلا يقبل.
وهنا قصة غريبة وقعت هنا في البلد، اقتسم رجلان ثمر نخل بينهما، وكان ذلك في شهر رمضان، فقال أحدهما للآخر: اختر، فتمشى المخير بين النخل وقال: أختار هذا الجانب، فقال: خذه، ثم قال للذين يصرمون الثمرة: أحب أن تأتوا إليّ
(١) أخرجه البخاري في البيوع/ باب إذا بيَّن البيعان ولم يكتما (٢٠٧٩)، ومسلم في البيوع/ باب الصدق في البيع (١٥٣٢) عن حكيم بن حزام ﵁.