ينشدون بها، لكن لو جاء هذا المغني الحادي، أو العامل، وهو جالس مع الناس، ثم رفع صوته بالحداء وهم يتغدون ـ مثلاً ـ فهذا خلاف المروءة.
فتبين الآن أن قول صاحب الروض:«ومغنٍّ» ليس على إطلاقه، بل فيه تفصيل، وكذلك الأغنية إذا كانت محرمة من أجل موضوعها، كأن يكون موضوعاً ساقطاً هابطاً، فهذا مخالف للمروءة، ومخالف للدين، أما المغني غناء مباحاً، إذا استعمله في موضع لا يذم عليه فإنه لا يسقط المروءة، وإن كان في موضع غير مناسب فإنه يسقط المروءة.
قال في الروض:«وطفيلي» وهو الذي يدخل على الناس بدون دعوة، سمع أن فلاناً عنده وليمة فذهب إليه، هذا نسميه طفيلياً، فلا تقبل شهادته لمخالفة المروءة، لكن إذا علمت من صاحبك أنه يفرح بمجيئك فهذا ليس بطفيلي، بل هو من المروءة والتواضع، وكثيراً من الناس ـ كما قيل: رب صدفة خير من ميعاد ـ إذا جئت إليه بدون دعوة يكون أحب إليه ويفرح كثيراً، ويظهر عليه أثر الفرح، إذاً الطفيلي هو الذي يفاجئ القوم بدون دعوة.
ولا فرق بين أن يكونوا على الطعام أو على غير الطعام، فمثلاً: ناس في البر جالسون على الطعام، فإذا بالطفيلي يأتي، فهذا طفيلي وإن لم يكن هناك أبواب؛ لأنه يفاجئ القوم عند تقديم الطعام ليضيق عليهم.