للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّهي فلا تصحُّ؛ لقوله: «لا تُصلُّوا»، فالنَّهي هنا عن الصلاة، فإذا صَلَّى إلى القبر، فقد اجتمع في فعله هذا طاعة ومعصية، وهذا لا يمكن أن يُتقرَّب إلى الله تعالى به.

فإذا قال قائل: ما هو الحَدُّ الفاصل في الصلاة إليها؟

قلنا: الجدار فاصل، إلا أن يكون جدارَ المقبرة ففي النفس منه شيء، لكن إذا كان جداراً يحول بينك وبين المقابر، فهذا لا شَكَّ أنه لا نهي، كذلك لو كان بينك وبينها شارع فهنا لا نهي، أو كان بينك وبين المقبرة مسافة لا تُعَدُّ مصلِّياً إليها، حدَّها بعضُهم بمسافة السُّترة للمصلِّي (١)، وعلى هذا فتكون المسافة قريبة، لكن لا شَكَّ أن هذا يُوهم، فإن أحداً من النَّاس لو رآك تُصلِّي وبينك وبين المقبرة ثلاثة أذرع بدون جدار لأَوهم ذلك أنك تُصلِّي إلى القبور. فإذاً؛ لا بُدَّ من مسافة يُعلم بها أنك لا تُصلِّي إلى القبر.

وظاهر كلام المؤلِّف: أن ما عداها تصحُّ الصلاة فيه فرضاً أو نَفْلاً، فتصحُّ في المجزرة إلا إذا صَلَّى على المكان النَّجس منها.

وتصحُّ في المزبلة: إذا كان الزِّبل طاهراً، أما إذا كان نجساً فقد دخل في كلام المؤلِّف في المنع.

وتصحُّ في قارعة الطريق، يعني: لو صلَّى في قارعة الطريق فصلاتُه صحيحة، لكن إذا كان الطريق مسلوكاً فالصلاة فيه حال


(١) انظر: «الإنصاف» (٣/ ٣١١، ٣١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>