للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجاسوس، ولأنَّ الإِنسان يحتاج إلى النَّظَرِ يميناً وشمالاً في حال الخوف، والعملُ ـ ولو كان كثيراً ـ في حال الخوف مغتفر، فكذلك عَمَلُ البصر، وهذا الاستثناء صحيحٌ.

واستثنى بعضُ العلماءِ أيضاً: المُصلِّي، في المسجد الحرام وقالوا: ينبغي أن ينظر إلى الكعبة؛ لأنها قِبْلةُ المصلِّي، ولكن هذا القول ضعيف؛ فإن النَّظَرَ إلى الكعبة يشغل المُصلِّي بلا شَكٍّ؛ لأنه إذا نَظَرَ إلى الكعبة نَظَرَ إلى النَّاسِ وهم يطوفون فأشغلوه، والصَّحيح أنَّ المسجدَ الحرامَ كغيره؛ ينظر فيه المصلِّي إما إلى موضع سجودِه، أو إلى تلقاءِ وجهه.

وأما النَّظَرُ إلى السَّماءِ فإنه محرَّم، بل مِن كبائر الذُّنوب؛ لأنَّ النبيَّ نَهى عن ذلك، واشتدَّ قوله فيه حتى قال: «لينتهينَّ ـ يعني الذين يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة ـ أو لتُخطفنَّ أبصارُهم» (١)، وفي لفظ: «أو لا ترجع إليهم» (٢). وهذا وعيد، والوعيد لا يكون إلا على شيء مِن كبائر الذنوب، بل قال بعضُ العلماءِ: إن الإِنسان إذا رَفَعَ بصرَه إلى السماءِ وهو يُصلِّي بطلتْ صلاتهُ، واستدلُّوا لذلك بدليلين:

الأول: أنَّه انصرفَ بوجهِه عن جهِة القِبْلةِ، لأنَّ الكعبةَ في الأرض، وليست في السَّماءِ.


(١) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة (٧٥٠)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة (٤٢٨) (١١٨).
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة (٤٢٨) (١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>