للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُه الحَمْدُ من حين الرَّفْع، ولو قلت: «لربِّي الحَمْد» (١)، «رَبِّي ولك الحَمْد» وما أشبه ذلك من الكلمات كفى.

وقوله: «ثم يَخِرُّ مكبِّراً ساجداً». «مكبراً» حال من فاعل «يَخِرُّ» والحال الأصل فيها أنها مقارنة للفعل، فإذا قلت مثلاً: جاء زيدٌ راكباً، فركوبُه حين مجيئه، فيكون التَّكبير إذاً حالَ الخُرور من القيام إلى السُّجودِ، وكذلك جميع تكبيرات الانتقال، محلُّها ما بين الرُّكنِ الذي انتقلتَ منه، والرُّكن الذي انتقلتَ إليه، وقد سبق لنا البحث في هذا.

ولم يذكر المؤلِّفُ رَفْعَ اليدين، فهل هذا مِن باب الاختصار، أو الاقتصار، أو العمد؟

الجواب: الثالث من باب العَمْد؛ لأن رَفْعَ اليدين عند السُّجودِ ليس بسُنَّة، فقد ثبت في «الصحيحين» من حديث ابن عُمرَ وهو مِن أشدِّ النَّاسِ حِرصاً على السُّنَّةِ، وأضبط النَّاسِ لها ـ أنه ذكر «أنَّ رسولَ الله كان يرفع يديه إذا كَبَّرَ للإِحرام، وإذا كَبَّرَ للرُّكوع، وإذا رَفَعَ من الرُّكوع قال: وكان لا يفعل ذلك في السُّجودِ» (٢) يعني: لا إذا سَجَدَ، ولا إذا قام من السُّجودِ. والرَّجُلُ قد ضَبَطَ وفَصَّلَ وبَيَّنَ، وليس هذا من باب النفي المجرَّد، هذا نفيٌ يدلُّ على إثبات تَرْكِ الفعل؛ لأن الرَّجُلَ


(١) أخرجه الإمام أحمد (٥/ ٣٩٨)؛ وأبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده (٨٧٤)؛ والنسائي، كتاب التطبيق، باب ما يقول في قيامه ذلك (١٠٧٠)؛ وصحَّحه ابن القيِّم رحمه الله تعالى في «زاد المعاد» (١/ ٢٢١).
(٢) تقدم تخريجه ص (٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>