للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد تحرَّى الصَّلاةَ وضَبَطَ تكبيرَه ورَفْعَه عند الدُّخول في الصَّلاةِ، وعند الرُّكوع، وعند الرَّفع منه، فأثبت التَّكبيرَ والرَّفْعَ في ثلاثة مواضع، ونَفَى الرَّفعَ في السُّجود وعند القيام من السُّجود. وعلى هذا؛ فليس من السُّنَّة أن يرفعَ يديه إذا سَجَدَ.

وقد رُويَ عن النبيِّ أنه كان يرفع يديه في كلِّ خَفْضٍ ورَفْعٍ. ولكن الحافظ ابن القيم (١) ذكر أن هذا وَهْمٌ، وأن صواب الحديث: «كان يكبِّرُ في كلِّ خَفْضٍ ورَفْعٍ» (٢) ووَجْهُ الوَهْمِ فيه حديثُ ابن عُمر؛ فإنه صريحٌ بعدم الرَّفْعِ عند السُّجودِ، وعند الرَّفْعِ من السُّجودِ، وليس هذا من باب تعارض مثبت ومنفي؛ حتى نقول بالقاعدة المشهورة: إن المثبتَ مقدَّم على النَّافي؛ لأنَّ النفي هنا في قوة الإِثبات، فإنه رَجُلٌ يحكي عن عَمَلٍ واحد فَصَّلَه، قال: هذا فيه كذا وأثبته، وهذا ليس فيه كذا ونَفَاه، وفَرْقُ بين النَّفْي المطلق وبين النَّفْي المقرون بالتفصيل، فإن النَّفْيِ المقرون بالتفصيل دليلٌ على أن صاحبَه قد ضَبَطَ حتى وصل إلى هذه الحال، عرف ما ثبت فيه الرَّفْعُ وما لم يثبت فيه الرَّفْعُ، وعلى هذا فنقول: إن حديث ابن عُمرَ الثابتَ في «الصحيحين» مقدَّمٌ على ذلك الحديث الضَّعيف، والوهم فيه قريب.

فإذا قال قائل: ما الفَرْقُ بين الهوي للرُّكوعِ والهوي للسُّجودِ، أليس كلٌّ منهما انتقالاً من أعلى إلى أسفل؟


(١) في «زاد المعاد» (١/ ٢١٥).
(٢) أخرجه الإمام أحمد (١/ ٣٨٦، ٤٤٢، ٤٤٣)؛ والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في التكبير عند الركوع والسجود (٢٥٣) وقال: «حديث حسن صحيح».

<<  <  ج: ص:  >  >>