هريرة، وهو قوله ﵊:«إذا سَجَد أحدُكم فلا يَبْرُك كما يبرك البعيرُ»(١) فإن الرسول ﷺ نهى أن يَبْرُكَ الرَّجلُ كما يَبْرُك البعيرُ، والبعيرُ إذا بَرَكَ يُقدِّم يديه، فيقدِّم مقدمه على مؤخره كما هو مشاهد، وقد ظَنَّ بعضُ أهل العِلم أن معنى قوله:«فلا يبرك كما يبرك البعير» يعني: فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير، وأنه نهى أن يبركَ الإِنسانُ على رُكبتيه، وعلى هذا؛ فيقدِّم يديه، ولكن بين اللفظين فَرْقاً واضحاً، فإنَّ النهيَ في قوله:«كما يبرك» نهيٌ عن الكيفية؛ لأن الكاف للتشبيه، ولو كان اللفظ:«فلا يبرك على ما يبرك» لكان نهياً على ما يسجد عليه، وعلى هذا؛ فلا يسجد على رُكبتيه؛ لأن البعير يبرك على ركبتيه، وعلى هذا فيقدِّم يديه.
وأما كونه مقتضى النظر: فلأن الوضعَ الطبيعيَّ للبدن أن ينزلَ شيئاً فشيئاً، كما أنه يقومُ مِن الأرض شيئاً فشيئاً، فإذا كان ينزلُ شيئاً فشيئاً، فالأسفلُ منه ينزل قبل الأعلى، وإذا قامَ شيئاً فشيئاً، فالأعلى يكون قبل الأسفل. وعلى هذا؛ فيكون هذا القول الذي عليه عامة أهل العِلم هو الموافق للمنقول والطبيعة، لكن مع ذلك لو أن إنساناً كان ثقيلاً، أو مريضاً، أو في ركبتيه ما يشقُّ عليه به السُّجودُ على الرُّكبتين، ففي هذه الحال لا بأس أن يُقدِّمَ اليدين، ويكون النَّهيُ ما لم يوجد سببٌ يقتضيه، فإن وُجِدَ سببٌ يقتضيه فإن هذا لا بأس به؛ لأن مبنى الدِّين الإسلامي ولله الحمد
(١) أخرجه الإمام أحمد (٢/ ٣٨١)؛ وأبو داود، كتاب الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه (٨٤٠).