للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على اليسر والسهولة، ففي القرآن الكريم يقول الله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ﴾ الآية [البقرة: ١٨٥] والإرادة هنا شرعية، يعني: أن الشَّرعَ هو التيسير، وفي السُّنَّة: «بُعثتُ بالحنيفية السَّمحة» (١) و «يسِّرُوا ولا تعسِّرُوا» (٢). فالمقصود الوصول إلى السجود، فإن تمكَّن الإنسانُ أن يأتيَ به على الوجهِ الأكملِ فهو أكملُ، وإنْ شَقَّ عليه فإنه يفعل ما تيسَّر.

ومِن العلماء مَن يقول: بل يسجدُ على يديه أولاً (٣)، ظنًّا منه أن قوله: «فلا يبركْ كما يبركُ البعيرُ» يُراد به: فلا يبركْ على ما يَبركُ عليه البعيرُ، وقال: إن ركبتي البعير في يديه، وهذا صحيحٌ أنَّ ركبتي البعيرِ وكلُّ ذات أربع في اليدين، لكن الحديث لا يساعدُ لفظُه على هذا المعنى، وأما آخرُ الحديث المفرَّع على أوله وهو قوله: «وليضعْ يديه قبل ركبيته» ففيه انقلابٌ كما حقَّقه ابنُ القيم (٤)؛ لأنه لو لم يكن فيه انقلابٌ لكان مناقضاً لأول الحديث، وكلامُ النبيِّ لا مناقضةَ فيه.

ومِن الإخوة المبتدئين مَن حاول أن يجمعَ بين الأمرين، فقال: لا أُنْزل أعالي بدني، ولا أسجدُ على الرُّكبتين، أجلسُ مستوفزاً، ثم أضعُ يدي على الأرض، ثم أرفعهما إلى الأمام، فنقول: مَنْ جاء بهذه الصِّفة؟!


(١) أخرجه الإمام أحمد (٥/ ٢٦٦)؛ والطبراني (٨) (٧٨٦٨).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب العلم، باب ما كان النبي يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا (٦٩)؛ ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير (١٧٣٤) (٨).
(٣) انظر: «الإنصاف» (٣/ ٥٠٠).
(٤) انظر: «زاد المعاد» (١/ ٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>