للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استطعتم» (١). فإذا قُدِّرَ أنَّ إحدى يديه جريحة، لا يستطيع أن يسجدَ عليها، فليسجدْ على بقية الأعضاء؛ لقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٦] وإذا قُدِّر أنه قد عَمل عمليَّة في عينيه، وقيل له: لا تسجدْ على الأرض؛ فليومئ ما أمكنه، وليضع مِن أعضاء السجود ما أمكنه.

وأما قول بعض الفقهاء: من عَجَزَ عن السُّجودِ بالجبهة لم يلزمه بغيرها (٢)، فهذا مُسلَّمٌ في بعض الأحوال، مُسَلَّم فيما إذا كان لا يستطيع أن ينحني؛ بحيث يكون إلى السُّجود التامِّ؛ أقرب منه إلى الاعتدال التامِّ، فهذا لا يلزمُه السُّجود. أما إذا كان يستطيع أن يومئ؛ بحيث يكون إلى السُّجود التامِّ؛ أقرب منه إلى الجلوس التامِّ، فهذا يلزمه أن يسجدَ ببقية الأعضاء؛ فيدنو من الأرضِ بِقَدْرِ ما يمكنه؛ ثم يضع يديه.

فإذا قال قائل: ما هو الدَّليل على هذا؟

فالجواب: أنَّ الدَّليل: أننا أمرنا بالسُّجودِ، وأمرنا أن نتَّقي الله ما استطعنا، فإذا كنا نستطيع أن نَقْرُبَ إلى السُّجودِ التامِّ وَجَبَ أن نَقْرُبَ؛ لأننا نكون كهيئة السَّاجدِ الذي رَفَعَ جبهته. أما إذا كُنَّا لا نستطيع أن ندنو إلى الأرض؛ بحيث نكون إلى السُّجودِ أقربَ؛ ففرضنا حينئذٍ الإيماء، فيومئ الإنسان ولا يلزمه أن يضع يديه أو ركبتيه على الأرض.

والحكمة مِن السُّجودِ: أنه مِن كمال التعبُّد لله والذُّلِّ له،


(١) تقدم تخريجه (١/ ٣٨١).
(٢) انظر: «الروض المربع مع حاشية ابن قاسم» (٢/ ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>