للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يصوم الدَّهر، وأرشده إلى أن يصوم يوماً ويفطر يوماً (١)، ومَنَعَه من أن يقوم الليلَ كلَّه وأرشده إلى أن ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سُدسه (٢٦٧). وهذا دليل على أنَّ شريعة النبيِّ مبنية على اليُسرِ والسُّهولة.

وكان مالك بن الحُويرث قدم إليه في آخر حياته؛ فكان يحبُّ التيسير على نفسِه، فيجلس ثم يعتمد بيديه على الأرض (٢) وهذا يدلُّ على أن قيامه فيه شيء من المشقَّة، بدليل اعتماده على الأرض؛ لأن من كان نشيطاً؛ فإنه وإنْ جَلَسَ للتشهُّد أو لغير التشهد لا يحتاج إلى الاعتماد.

وقالوا أيضاً: إنَّ مِن المعلوم أن جميع أفعال الصَّلاة المستقلَّة أركان أو واجبات، وهذه ليست ركناً ولا واجباً بالإجماع، وأكثر ما فيها أن العلماء اختلفوا في مشروعيتها، وقد نقل غير واحد من أهل العلم الإجماع على أنها غير ركن.

وأيضاً: كُلُّ فِعْلٍ من أفعال الصلاة له ذِكْرٌ وفيه ذِكْرٌ، وهذه ليس لها ذِكْرٌ، وليس فيها ذِكْرٌ. فدلَّ على أنها ليست على سبيل التعبُّد.

وعليه؛ فنقول: إن احتاجَ الإنسانُ إليها صارت مشروعة لغيرها للراحة وعدم المشقَّة، وإن لم يحتج إليها فليست بمشروعة.


(١) أخرجه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: ﴿وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾ (٣٤١٨)؛ ومسلم، كتاب الصيام، باب النهي عن صيام الدهر (١١٥٩) (١٨١).
(٢) تقدم تخريجه ص (١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>