للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

منحة السلوك

وكذلك أخذ الأجرة على الحج، والإمامة، وتعليم القرآن، والفقه (١).

ولكن المتأخرين (٢) جوزوا على التعليم، والإمامة في زماننا؛ لحاجة


(١) لأن كل طاعة يختص بها المسلم لا يجوز الاستئجار عليها؛ ولأن القربة متى حصلت وقعت عن العامل، ولهذا تعتبر أهليته، فلا يجوز له أخذ الأجرة من غيره، كما في الصوم، والصلاة؛ ولأن التعليم مما لا يقدر المعلم عليه إلا بمعنى من قبل المتعلم، فيكون ملتزمًا ما لا يقدر على تسليمه، فلا يصح؛ ولأن في أخذ الأجر عليها سبب لتنفير الناس عن الصلاة في الجماعة، وعن تعليم القرآن، والعلم؛ لأن ثقل الأجرة يمنعهم عن ذلك.
وذهب المالكية: إلى جواز أخذ الأجرة على الحج، والإمامة، وتعليم القرآن، والفقه.
وذهب الشافعية: إلى جواز أخذ الأجرة على الحج؛ لأنه يدخله النيابة. أما الإمامة فلا يصح الاستئجار للإمامة، ولو نافلة كالتراويح؛ لأن فائدتها من تحصيل فضيلة الجماعة ولا تحصل للمستأجر، بل للأجير. ويجوز تعليم القرآن؛ لأنه غير مقصود بفعله حتى يقع عنه، وتعليم الفقه، والاستئجار للتدريس، لا يجوز؛ لتعذر ضبطه، فإن عين أشخاصًا، ومسائل مضبوطة يعلمها لهم جاز.
وذهب الحنابلة: إلى عدم صحة الإجارة على عمل يختص أن يكون فاعله من أهل القربة، كالحج، والأذان، وتعليم القرآن، والفقه؛ لأن من شرط هذه الأفعال كونها قربة إلى الله، فلم يجز أخذ الأجرة عليها. ويجوز رزق على ذلك من بيت المال، وأخذ بلا شرط.
تحفة الفقهاء ٢/ ٣٥٧، الهداية ٣/ ٢٦٩، كشف الحقائق ٢/ ١٥٧، الوقاية ٢/ ١٥٧، العناية ٩/ ٩٧، بدائع الصنائع ٤/ ١٩١، البحر الرائق ٨/ ١٩، الكتاب ٢/ ١٠٠، منح الجليل ٧/ ٤٧٦، الشرح الصغير ٢/ ٢٧٤، القوانين ص ١٨١، بداية المجتهد ٢/ ٢٢٤، الكافي في فقه الإمام مالك ص ١٦٦ و ٣٧٤، مغني المحتاج ٢/ ٣٤٤، أسنى المطالب ٢/ ٤١٠، روضة الطالبين ٥/ ١٨٨، الروض المربع ص ٢٩٤، شرح منتهى الإرادات ٢/ ٢١٦.
(٢) من مشايخ بلخ. استحسنوا ذلك، وقالوا: بنى أصحابنا المتقدمون الجواب على ما شاهدوا من قلة الحفاظ، ورغبة الناس فيهم، وكان لهم عطيات في بيت المال، وافتقاد من المتعلمين في مجازاة الإحسان بالإحسان، من غير شرط مروءة، يعينونهم على معاشهم، ومعادهم، وكانوا يفتون بوجوب التعليم خوفًا من ذهاب القرآن، وتحريضًا على التعليم، حتى ينهضوا لإقامة الواجب، فكثر حفاظ القرآن. وأما اليوم فذهب ذلك كله، واشتغل =

<<  <  ج: ص:  >  >>