للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

منحة السلوك

قالوا: من أله يأله بكَسر العَين في الماضي، وفتحها في المضارع، أي: سَكن.


= ونظير قولهم: إله والله في الحذف، قولهم: "أناس"، ثم قالوا: الناس، وأصله الإناس، فحذفت الهمزة. فقيل: الناس، فكأن الألف واللام في الله عوض عن الهمزة المحذوفة، فلزمتا ولم تفارقا الاسم كأنهما بعض حروفه، فلذلك دخل عليه حرف النداء، فقيل: يا الله اغفر لنا، وليس في العربية اسم في أوله الألف، واللام دخل عليه حرف النداء، إلا قولهم: يا الله اغفر لنا، فإنهم أدخلوا الألف، واللام، وحرف النداء؛ لأنه لما كانت الألف واللام في "الله" كأنهما من نفس الكلمة دخل عليه حرف النداء.
قال ابن القيم في بدائع الفوائد ١/ ٢٢: زعم السهيلي، وشيخه أبو بكر بن العربي، أن اسم الله غير مشتق؛ لأن الاشتقاق يستلزم مادة يشتق منها، واسمه تعالى قديم. والقديم لا مادة له، فيستحيل الاشتقاق، ولا ريب أنه إن أريد بالاشتقاق هذا المعنى، وأنه مستمد من أصل آخر، فهو باطل، ولكن الذين قالوا بالاشتقاق لم يريدوا هذا المعنى، ولا ألم بقلوبهم، وإنما أرادوا أنه دال على صفة له تعالى، وهي الإلهية كسائر أسمائه الحسنى، كالعليم، والقدير، والغفور، والرحيم، والسميع، والبصير، فإن هذه الأسماء مشتقة من مصادرها بلا ريب، وهي قديمة، والقديم، لا مادة له ... ولا نعني بالاشتقاق إلا أنها ملاقية لمصادرها في اللفظ، والمعنى، لا أنها متولدة منها تولد الفرع من أصله. وتسمية النحاة للمصدر، والمشتق منه أصلًا، وفرعًا ليس معناه، أن أحدهما تولد من الآخر، وإنما هو باعتبار أن أحدهما يتضمن الآخر، وزيادة ... فالاشتقاق هنا ليس هو اشتقاق مادي، وإنما هو اشتقاق تلازم، سمي المتضمن -بالكسر- مشتقًا، والمتضمن -بالفتح- مشتقًا منه، ولا محذور في اشتقاق أسماء الله تعالى بهذا المعنى.
جامع البيان في تأويل آي القرآن ١/ ٨٢، معجم مقاييس اللغة ١/ ١٢٧ باب الهمزة واللام وما يثلثهما مادة "أله"، لسان العرب ١٣/ ٤٦٧ مادة أله، البارع في اللغة لأبي علي القالي ص ٨، نوادر أبي مسحل ١/ ٢٩٦، مجمع البيان في تفسير القرآن للطبرسي ١/ ١٩، معاني القرآن للزجاج ٥/ ١٥٢، الكتاب لسيبويه ٢/ ١٩٥، تثقيف اللسان ٣٤٧، المخصص ١٠/ ١٩١، أمالي القالي ٢/ ٩٧، سمط اللآلي ٢/ ٧٣٠، الخزانة ٣/ ٩٢، أبدال أبي الطيب ١/ ٣١٨، الجمل ١٦٢، اللامات ٣٣، المقتضب ٤/ ٢٤١، كتاب الأفعال ١/ ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>