للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْ أَمْرِنَا إِلاَّ خَالَفَنَا فِيهِ. فَجَاءَ عَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَخْبَرَاهُ بِذَلِكَ وَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَنْكِحُهُنَّ في الْمَحِيضِ؟ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تَمَعُّراً شَدِيداً حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ قد وَجَدَ عَلَيْهِمَا، فَقَامَا فَخَرَجَا فَأُهْدِيَتْ إِلَيْهِ] (١) هَدِيَّةُ لَبَنٍ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي آثَارِهِمَا فَرَدَّهُمَا فَسَقَاهُمَا فَعَلِمَا أَنَّهُ لَمْ يَغْضَبْ عَلَيْهِمَا " (٢).

رجال السند:

سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وثَابِتٌ، هو البناني، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٍ، -رضي الله عنه-.

الشرح:

هذا من صلف اليهود، إذ لم يكن في التوراة، ولم يؤمروا به، ولو كان في التوراة المنزلة لما وقع عليهم اللوم، وجاء الإسلام بتكريم المرأة معيدا لها عزها وكرامتها، ولم تمنع من شيء يحفظ لها كرامتها، وفي المعاشرة كانت مدللة معززة، ولم تمنع من شيء سوى الجماع في حال حيضها لقول الله -عز وجل-: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} (٣)، فلم يصف النساء بما يهدر كرامتهن بل وصف المحيض، وأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتكريمهن بالمأكل والمشرب والجلوس معهن، وفعل كل ما يسرهن عدا الجماع، ولم يتمعر وجهه -صلى الله عليه وسلم- عضبا لما سئل عن نكاحهن في حال الحيض، وإنما كراهة للأذى الذي ذكر الله -عز وجل-، ولذلك أزال ما ظن السائلان من غضبه عليهما؛ لأنه الرحمة المهداة، المبشر بكل خير، والنذير من كل شر، وللأسف تخلق بعض المسلمين من الرجال والنساء ولاسيما الشباب والشابات تخلقوا بعادات غير المسلمين في المأكل، والمشرب، والملبس، وفيما أسموه


(١) في بعض النسخ الخطية " فاستقبلتهما ".
(٢) رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (٣٠٢).
(٣) من الآية (٢٢٢) من سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>