للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: «فقال له: كفّ، فإنه يسأل عما أهمه، ثم قال له: أعد عليّ حديثك، فأعاده فبكى حتى وكف (١) الدمع من عينيه على لحيته».

نهى عن لومه؛ لأنه الرحمة المهداة لم يُحرم منها ذلك الرجل، إذ بادر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالدفاع عنه قائلا لمن لامه: «كفّ» وهذه كلمة فيها شيء من الحزم والصرامة، وعلل عدم لومه بقوله -صلى الله عليه وسلم-: «فإنه يسأل عما أهمه» نعم لم يهمه ذلك إذ كان جاهليا، فالشر لا يولد إلا الشر، فلما أسلم صار له شأن آخر، أقلقه ما حدث منه قلقا شديدا، حتى أصبح هما كبيرا يأمل في الخلاص منه بأي ثمن، طلب منه نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وإعادة القصة لا لعدم استيعاب، فلم يكن بكاؤه -صلى الله عليه وسلم- إلا لشدة وعيه القصة بكل أبعادها، لكن له في ذلك حكمة -صلى الله عليه وسلم-، لعلها ليدرك الجلساء البعد الجاهلي وما فيه من قسوة وظلم وجبروت، والبعد الإسلامي وما فيه من رحمة وشفقة، وزادته الإعادة ألما وتأثرا، حتى تحدّر دمعه على لحيته، وما ذاك إلا من شدة رحمته وعدله ورقة إحساسه -صلى الله عليه وسلم-.

ما يستفاد:

*بيان ما كان عليه أهل الجاهلية من الجهل والضلال.

* بيان ما كانوا عليه من القسوة وعدم الرحمة حتى بأقرب الأقربين.

* بيان شدة تعلق تلك الفتاة بأبيها ومع ذلك لم ينفعها ذلك التعلق.

* أن الإنسان قد يسعى في هلكته أقرب الناس إليه.


(١) نزل، وسال.

<<  <  ج: ص:  >  >>