للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلجأ إلى من بعثه رحمة للعالمين مناجيا، قائلا: «اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين، وأنت ربي إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني، أو إلى عدو ملكته أمري، إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن ينزل بي غضبك، أو يحل عليّ سخطك، لك العتبى حتى ترضى، لا حول ولا قوة إلا بك» (١)، هذا الدعاء العظيم، مناجاة العبد الضعيف لربه القوي العظيم، من هو على كل شيء قدير، ولذلك لم يحْذر نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- غضب الناس أجمعين، وإنما استعاذ من غضب ربه، ولم يتعرض لظالميه بشيء من الدعاء، بل إن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت له -صلى الله عليه وسلم-: هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد؟ قال: «لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على بن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال فسلم عليّ، ثم قال: يا محمد، فقال: ذلك فيما شئت: إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا


(١) تاريخ الطبري ١/ ٥٥٤، وأجمع على نقله أهل العلم بالسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>