للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، بويع سنة أربع وستين في النصف من ذي القعدة، انظر ترجمته في كتابي "عش مع الخلفاء والملوك ".

الشرح:

تقدم بيان أكثر هذا آنفا.

قوله: «وَمَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ نِيَّتَهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ».

المراد أن من كانت الآخرة همه بالاجتهاد في طلبها جعله الله -عز وجل- قانعا بالكفاف من الدنيا، وحل غناه في قلبه، فلا يتعب في طلب الزيادة، وجمع له أموره المتفرقة، بأن جعله مجموع الفكر طيب الخاطر، وهيأ له الأسباب من حيث لا يشعر، وأتاه ما قسم له منها وهي ذليلة حقيرة تابعة له، لا يحتاج في طلبها إلى سعي كثير ومجاهدة؛ لأنه رضي بالكفاف منها، بل تأتيه هينة لينة على رغم أنف أربابها الذين فتنوا بجمعها، والسعي في طلبها.

«وَمَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا نِيَّتَهُ فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ مَا قُدِّرَ لَهُ».

المراد من كان همه الدنيا بمتاعها وشهواتها لا ينظر إلى سواها، جعل الله -عز وجل- فقره أمام ناظريه لا يفارقه الشعور بأنه فقير ولو جمع الأموال الكثيرة، فيكون فيه شبه بنار جهنم التي لا تقف من التهام كل شيء؛ لأن الله -عز وجل- انتزع من قلبه القناعة ولو كثر ماله فلا يساوره إلا النقص فيسعى للمزيد، فيتفرق عليه أمره ولا يطيب خاطره، ولن يجديه سعيه في الدنيا فلا يأخذ منها لإ ما قدر له، وقد يكون المقدر له الشيء الكثير الذي لا يحصى وهذا بلاء عظيم لمن لم يوفقه الله -عز وجل- إلى الشكر على نعمة المال، ولم يسلم من

<<  <  ج: ص:  >  >>