الملائكة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، واستمر هذا الأمر إلى آخر الليل، عاد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى صاحبه -رضي الله عنه-، وكما هي عادة أصحابه في تكريمه والاحتفاء به -صلى الله عليه وسلم-، فتوسد فخذ صاحبه -رضي الله عنه-، وكان من عادة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا نام نفخ، والنفخ غير الشخير، النفخ إخراج الهواء من بين الشفتين برقة وهدوء، أما الشخير فيخرج الصوت مع هواء مزعج من اللهاة أعلى الحلق.
قوله:«فبينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متوسد فخذي راقد، إذ أتاني رجال كأنهم الجمال، عليهم ثياب بيض، الله أعلم ما بهم من الجمال».
يقول ابن مسعود -صلى الله عليه وسلم-: في الوقت الذي كان فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متوسدا فخذه -رضي الله عنه- وهو غاطّ في نومه -صلى الله عليه وسلم-، رأى رجالا كأنهم الجمال، والجمال جمع جمل: والمراد أنهم كبار الأجسام فيهم ضخامة تضفي عليهم هيبة وعظمة، وعليهم ثياب بيض، وأجمل اللباس البياض، وبهم من جمال الصورة وهيبتها وعظمتها شيء لا يوصف، ولذلك قال:«الله أعلم ما بهم من الجمال» وهذا من تشكل الملائكة في الصور الحسنة الجميلة.
قوله:«حتى قعد طائفة منهم عند رأسه، وطائفة منهم عند رجليه، فقالوا بينهم: ما رأينا عبدا أوتي مثل ما أوتي هذا النبي -صلى الله عليه وسلم-».
ينبهنا ابن مسعود -رضي الله عنه- إلى أن العدد ليس قليلا، معبرا عن ذلك بقوله: قعد طائفة منهم عند رأسه، والطائفة الجماعة، فالذي جرى أن طائفتين من الملائكة حفّت بنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأخذ يحدث بعضهم بعضا في أمره -صلى الله عليه وسلم-.
قوله:«ما رأينا عبدا أوتي مثل ما أوتي هذا النبي -صلى الله عليه وسلم-».
هذه إشادة بنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشهادة من ملائكة لهم صلة بأنبياء الله ورسله، ومعرفتهم بما أنزل الله عليهم، وبما آتاهم من الفضل والخصائص، غير