للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في خدرها» (١).

والعفاف درجة عالية لا ينالها إلا العظماء من الناس؛ ضبط النفس وصيانتها عن مطاع الدنيا، وبعدها عن الدناءات وكف الجوارح عن الرذائل، والمحرمات، والابتعاد عن كل ما يذل ويشين في الدنيا، هذا تاج السؤدد، وكمال المروءة، وخاتمة مكارم الأخلاق، وذلك كله يورث غنى النفس عما في أيدي الناس فلا يمدن عينيه على ما متعهم الله به زهرة الحياة الدنيا، وهذا نتيجة الدعاء «اللهم إني أسألك الهدى، والتقى، والعفاف، والغنى» (٢).

قوله: «وَالْعِيَّ، عِيَّ اللِّسَانِ لَا عِيَّ الْقَلْبِ».

العِي يطلق على قلة الكلام، وبهذا فسرة الترمذي رحمه الله، فيكون صفة مدح، قال أبو أمامة -رضي الله عنه-: " الحياء والعي شعبتانِ من الإيمانِ " (٣)، ومنه من يكون من خجل وغيره، ويراد به الجهل، ولذلك قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «شفاء العي السؤال (٤)، والمراد هنا أن السبب ليس التعب، والعجز عجز اللسان وتعبه، وعدم اهتدائه لوجه الكلام، بل قلة المعرفة بالحق؛ لأنها هي العي على التحقيق، ولا يكون في القلب؛ لأن ابن عمر أنكره فقال: كيف يكون عيياً من في جوفه كتاب الله؟، ولعل المراد المسلم في جوفه شيء من كتاب الله -عز وجل-، وما من مسلم إلا وفي جوفه شيء من القرآن، وأقل ما يكون منه أم الكتاب الفاتحة، وبعضهم يطلقه على العجز عن الكلام، وهو الإرتاج، وهو استحضار المعنى ولا يحضر اللفظ الدال عليه.

قوله: «وَالْفِقْهَ مِنَ الإِيمَانِ».

لأن الفقه يشمل أبواب العبادات، بدأ بأركان الإسلام، والإيمان والإحسان، وتفصيل ذلك، فيكون مدار الإيمان على الفقه في الدين، ولذلك قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين» (٥).


(١) البخاري حديث (٣٥٦٢) ومسلم حديث (٢٣٢٠).
(٢) أحمد حديث (٤١٦٢).
(٣) الترمذي حديث (١٣٣).
(٤) أحمد حديث (٣٠٥٦).
(٥) أحمد حديث (١٦٨٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>