للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: «وَهُنَّ مِمَّا يَزِدْنَ فِي الآخِرَةِ».

منهج أهل السنة أن أعمال العباد توزن يوم القيامة، خيرها وشرها، نطق بذلك القرآن الكريم، قال الله -عز وجل-: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} (١)، فتثقل تَارَة وتخف أُخْرَى، قال الله -عز وجل-: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} (٢).

قوله: «وَيُنْقِصْنَ مِنَ الدُّنْيَا».

المراد تنقص أعمال الخير في الدنيا بالمعاصي، وتنقص أعمال الشر بكثرة الطاعة.

قوله: «وَمَا يَزِدْنَ فِي الآخِرَةِ أَكْثَرُ» المراد الطاعات يزدن ثوابا كثيرا في الآخرة.

قوله: «وَإِنَّ الْبَذَاءَ وَالْجَفَاءَ وَالشُّحَّ مِنَ النِّفَاقِ».

قال أبو أمامة -رضي الله عنه-: " والبذاء والبيان شعبتانِ من النفاق " (٣). البذاءة هي الفحش في القول، ولا يلجأ إليها إلا المعاند المغلوب، فهي خلق ذميم، والبذيء لا يتورع عن إطلاق أنواع الأذى وسوء الأدب والبذاءة والقذف والإحراج والبغي والغمز واللمز في حق الله وحق رسوله وحق المؤمنين والمؤمنات.

أما البيان فليس مراد أبي أمامة -رضي الله عنه- الإطلاق، بل المراد ما كان منه مصادما للحق، وقلب الباطل إلى حق، والحق إلى باطل، أما ما كان لبيان الحق ورد الباطل، فلا ريب أنه من الإيمان، ولذلك قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن من البيان لسحرا» (٤)؛ لأنه سلاح ذو حدين إن كان في الخير نفع، وإن كان في الشر أضر.

قوله: «وَهُنَّ مِمَّا يَزِدْنَ فِي الدُّنْيَا، وَيُنْقِصْنَ فِي الآخِرَةِ» المراد زيادة أحدهما على الآخر في الدنيا، والعكس يحدث في الآخرة فقد تثقل الحسنات وتخف السيئات،


(١) من الآيتين (٨، ٩) من سورة الأعراف، والآية (١٠٢) من سورة المؤمنون، والآيتان (٦، ٨) من سورة القارعة.
(٢) الآية (٤٧) من سورة الأنبياء.
(٣) الترمذي حديث (١٣٣).
(٤) البخاري حديث (١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>