للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُبُرَ كُلِّ صلاة مكتوبة، وفي بعض الألفاظ أمره أن يدعو به في كُلِّ صلاة، فإذا جمعنا بين اللفظين قلنا: في صلاته في دُبُرِها أي: في آخرها، والقول بأن هذا الدُّعاء في آخر الصَّلاة أصحُّ من القول بأنه بعد السَّلام؛ لأن الذي بعد السَّلام إنما هو الذِّكر، ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ﴾ [النساء: ١٠٣] وأما ما قيد بدُبُر الصَّلاة وهو دُعَاء فإنه في آخرها.

وسُئل شيخ الإسلام كيف يكون في آخر الصلاة وقد قيِّد بدُبُرِها فقال: دُبُرُ الشيء منه كدُبُرِ الحيوان، فإن الحيوان له دُبُر، ودُبُره في نفس الجسم، فكذلك دُبُر الصَّلاة يكون من الصَّلاة، وإذا كان الرَّسول أرشدنا بأن ندعو بعد التشهُّدِ صار الدُّعاء المقيَّد بالدُّبُر محلَّه قبل السَّلام آخر الصَّلاة.

أما بعدَ الصَّلاة فهو الذِّكر، ولهذا لا يَرِدُ علينا أن الرسول قال: «تُسَبِّحُون وتحمدُون وتُكبِّرون في دُبُر كُلِّ صلاة ثلاثاً وثلاثين مَرَّة» (١) ومعلومٌ أن هذا بعد السَّلام بالاتفاق؛ لأن هذا مطابق للآية: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ﴾ [النساء: ١٠٣] والأول الدُّعاء الذي في آخر الصلاة قبل السَّلام مطابق للحديث: «ثم ليتخيَّر من الدُّعاء ما شاء» (٢).

وقوله: «يدعو بما ورد» يفيد أن الدُّعاء يكون بعد التشهُّدِ والتعوُّذ من الأربع.


(١) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة (٨٤٣) ولفظه: «خلف كل صلاة»؛ ومسلم، كتاب المساجد، باب استحباب الذكر بعد الصلاة (٥٩٥) (٤٢).
(٢) تقدم تخريجه ص (١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>