للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الذي دلَّ عليه حديث ابن مسعود أن النبيَّ علَّمه التشهُّدَ ثم قال: «ثم يَتَخَيَّرُ من الدُّعاء ما شاء» وبناءً على ذلك؛ إذا سألَنا سائل: هل أدعو بعد السَّلام أو قبل السَّلام؟ قلنا له: ادعُ قبل السَّلام؛ لأن هذا هو الذي أرشد إليه النبيُّ ، ولأنك ما دمت في صلاة فإنك تناجي رَبَّك، وإذا سَلَّمتَ انصرفتَ، وكونك تدعو في الحال التي تناجي فيها ربَّك خيرٌ من كونك تدعو بعد الانصراف، وهذا ترجيح نظريٌّ، وأما ما يفعلُه بعضُ النَّاسِ من كونهم كلَّما سَلَّموا دَعَوا في الفريضة، أو في النافلة؛ فهذا لا أصل له، ولم يَرِدْ عن النبيِّ فيما نعلم؛ إلا حين وضع كُفَّار قريش سَلا النَّاقة عليه وهو ساجد، فإنه لما سَلَّم رَفَعَ صوته يدعو عليهم (١) وهذا قد يُقال: إنه فَعَلَ ذلك لمناسبة، وهي تخويفهم؛ لأنه لو دعا وهو يُصلِّي ما علموا بذلك.

وأما الاستدلال بقول النبيِّ حين سُئل: أيُّ الدُّعاء أسمعُ؟ ـ يعني: أقرب إجابة ـ قال : «جوف الليل، وأدبار الصلوات المكتوبة» (٢) قالوا: والأدبار تكون بعدُ لقول النبيِّ : «تُسبِّحون وتَحمدُون وتُكبِّرون دُبُرَ كُلِّ صلاة ثلاثاً وثلاثين مرَّة» (٣)


(١) أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة (٢٩٣٤)؛ ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب ما لقي النبي من أذى المشركين والمنافقين (١٧٩٤) (١٠٧).
(٢) أخرجه الترمذي، كتاب الدعوات، باب حديث ينزل ربنا كل ليلة … (٣٤٩٩) وقال: «حديث حسن».
(٣) تقدم تخريجه ص (٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>