القول الخامس: إذا حلق ما به إماطة الأذى، فعليه دم.
وأقرب الأقوال إلى ظاهر القرآن هو الأخير، إذا حلق ما به إماطة الأذى، أي: يكون ظاهراً على كل الرأس ـ وهو مذهب مالك، أي: إذا حلق حلقاً يكاد يكون كاملاً يسلم به الرأس من الأذى؛ لأنه هو الذي يماط به الأذى، والدليل على ذلك:
أولاً: قول الله ـ تعالى ـ في القرآن في شأنه: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ﴾ [البقرة: ١٩٦]. فهو لا يحلق إذا كان به أذى من رأسه إلا ما يماط به الأذى، فعليه فدية.
ثانياً: أن النبي ﷺ: «احتجم وهو محرم في رأسه»(١)، والحجامة في الرأس من ضرورتها أن يحلق الشعر من مكان المحاجم، ولا يمكن سوى ذلك، ولم ينقل عن النبي ﷺ أنه افتدى؛ لأن الشعر الذي يزال من أجل المحاجم لا يماط به الأذى، فهو قليل بالنسبة لبقية الشعر، وعلى هذا فنقول: من حلق ثلاث شعرات، أو أربعاً، أو خمساً، أو عشراً، أو عشرين فليس عليه دم ولا غيره، ولا يسمى هذا حلقاً، لكن هل يحل له ذلك أو لا؟
الجواب: لا يحل؛ لأن لدينا قاعدة:«امتثال الأمر لا يتم إلا بفعل جميعه، وامتثال النهي لا يتم إلا بترك جميعه».
فإذا نهيت عن شيء وجب الانتهاء عنه جملة وأجزاءً، وإذا
(١) أخرجه البخاري في جزاء الصيد/ باب الحجامة للمحرم (١٨٣٦)؛ ومسلم في الحج/ باب جواز الحجامة للمحرم (١٢٠٣) عن ابن بحينة ﵁، وفيه «وسط رأسه».