للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: بلى ولكن المحققين من أهل الحديث والفقه قالوا: إن هذا الاستثناء شاذ فلا يعول عليه، وأيضاً لو صح هذا الاستثناء لكان نهي النبي عن ثمن الكلب من باب اللغو؛ لأن كلباً لا يصاد به لا ينتفع به في الحرث، ولا الماشية، لا يمكن أن يباع، فلذلك تعين أن يكون النهي عن ثمن الكلب إنما هو في الكلب الذي ينتفع به ويباح اقتناؤه.

قوله: «والحشرات» الحشرات لا يصح بيعها، والعلة أنه ليس فيها نفع، فبذل المال فيها إضاعة له، وقد نهى عن إضاعة المال (١)، وعلم من هذا التعليل أنه لو كان فيها نفع جاز بيعها؛ لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، ومن النفع العلق لمص الدم، والديدان لصيد السمك.

قوله: «والمصحف» رحمة الله على المؤلف في سياق هذه الصيغة؛ لأن عطف المصحف على الحشرات أسلوب ليس بجيد، لكن ـ عفا الله عنه ـ لو أنه أفرده بجملة وحده لكان أولى، لكن أراد أن المصحف لا يصح بيعه، والدليل على هذا أثر ونظر.

أما الأثر: فأثر ابن عمر أنه قال: «وددت أن الأيدي تقطع ببيعه» (٢)، فجعل آخذ ثمنه بمنزلة السارق تقطع يده.


(١) أخرجه البخاري في الاعتصام/ باب ما يكره من كثرة السؤال (٧٢٩٢)؛ ومسلم في الأقضية/ باب النهي عن كثرة المسائل (١٧١٥) عن المغيرة بن شعبة .
(٢) رواه ابن أبي شيبة (٦/ ٦١)؛ والبيهقي (٦/ ١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>