في كثير من مسائل الفقه روايتان كما يتبين من مراجعة «المقنع» مثلاً.
وفي الحال الثانية: إذا صرح بالرجوع فالأمر واضح، ومثلنا من قبل بمثال للإمام أحمد في مسألة طلاق السكران، أنه كان يقول في الأول بطلاق السكران، ثم قال: تبينته فوجدت أني إذا أوقعته أتيت خصلتين، وإذا لم أوقعه أتيت خصلة واحدة.
أما الحال الثالثة: التي يحصر قوله فيه، فيمكن أن نضرب بذلك مثلاً بحال أبي الحسن الأشعري، فإنه كان في أول أمره على مذهب المعتزلة، ينصره ويدافع عنه وبقي على هذا نحو أربعين سنة، لكن من شاء الله أن يهديه هداه، ثم اتصل بعبد الله بن سعيد بن كَلاَّب، وهو أحسن من المعتزلة بكثير، فأخذ منه وتأثر به، وترك مذهب المعتزلة، ثم إنه أخيراً ذكر في كتابه «الإبانة» وهو آخر ما صنف أن قوله ينحصر في مذهب الإمام أحمد بن حنبل؛ لأنه قال: فإن قال قائل: بماذا تقولون، قال: نقول بقول الإمام أحمد بن حنبل، وهذا معناه أنه رجع عما سبق، لكن ما قال: وأرجع، إلا أنه لما رجع عن مذهب المعتزلة، صرح بالرجوع عنهم، وصار يذمهم ويبين معايبهم ﵀.
ونحن أتينا بهذه المسألة؛ لأنها في الحقيقة مفيدة لطالب العلم، وأنه يجب على طالب العلم إذا بان له الحق أن يرجع إليه، والنبي ﵊ أحياناً يفتي ثم يأتيه الوحي فيرجع عما أفتى به، وهو النبي ﷺ، ولما جاءه رجل وسأله عن الشهادة ماذا تكفّر؟ قال: تكفّر كل شيء، ثم انصرف الرجل، ثم