للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الأصحاب: إنه لا يجيب (١)؛ لأنه غير مدعو بهذا الأذان فلا يتابعه. وأجابوا عن الحديث: بأن المعروف في عهد النبيِّ أن المؤذِّنَ واحد، ولا يمكن أن يؤذِّن آخر بعد أن تُؤدَّى الصَّلاة، فيُحمل الحديث على المعهود في عهد النبيِّ ، وأنه لا تكرار في الأذان. ولكن لو أخذ أحدٌ بعموم الحديث وقال: إنه ذِكْر؛ وما دام الحديث عاماً فلا مانع من أن أذكر الله ﷿.

وقوله: «يُسَنُّ لسامعه متابعتُه سِرًّا»، صريحٌ بأنه لو ترك الإجابة عمداً فلا إثم عليه، وهذا هو الصَّحيح. وقال بعض أهل الظَّاهر: إن المتابعة واجبة، وإنه يجب على من سمع المؤذِّن أن يقول مثلَ ما يقول (٢).

واستدلُّوا بالأمر: «إذا سمعتم المؤذِّن فقولوا مثل ما يقول» والأصل في الأمر الوجوب، ولكن الجمهور على خلاف ذلك (٣).

واستدلَّ الجمهور بأنَّ النبيَّ سمع مؤذِّناً يؤذِّن فقال: «على الفِطرة» (٤)، ولم يُنقل أنه أجابه أو تابعه، ولو كانت المُتابعة واجبة لفعلها الرَّسول ولنُقِلَتْ إلينا.


(١) انظر: «الإنصاف» (٣/ ١٠٧)، «كشَّاف القناع» (١/ ٢٤٥).
(٢) انظر: «المحلَّى» (٣/ ١٤٨).
(٣) انظر: «المغني» (٢/ ٨٥)، «النكت على المحرر» (١/ ٣٨، ٣٩).
(٤) رواه مسلم، وقد تقدَّم تخريجه ص (٤٧)، من حديث أنس بن مالك.
وعندي دليلٌ أصرحُ من ذلك، وهو قولُ النبيِّ لمالك بن الحُويرث ومن معه: «إذا حضرت الصَّلاةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>