واستدلوا أيضاً بفعل عثمان ﵁ فإن الصحابة طلبوا منه أن يدفعوا عنه الذين خرجوا عليه، ولكنه ﵁ أبى، وقال: لا تقاتلوا (١)، فإذا كانت فتنة فلا تقاتل.
والصواب أن الفتنة إذا كان يترتب على المدافع فيها شَرٌّ أكبر، أو كانت المدافعة لا تجدي لكثرة الغوغاء، ففي هذه الحال لا يجب الدفع، وإلا وجب الدفع لما ذكرت فيما سبق، وتحمل النصوص الواردة في ذلك على هذه الحال، وكذلك ما ورد عن عثمان ﵁؛ لأن عثمان رأى أن أهل المدينة لو دافعوا لالتهمهم هؤلاء الخارجون؛ لأنهم عدد كبير لا طاقة لأهل المدينة بمدافعتهم.
ويرى بعض العلماء أنه يلزم الدفع مطلقاً، وأن الأحاديث الواردة في ذلك فيما إن كان الإنسان لا يستطيع المدافعة؛ لأن مدافعته إذا كان لا يستطيع لا فائدة منها.
قوله:«وَحُرْمَتِهِ» يعني يلزمه الدفع عن حرمته، أي: أهله، كزوجته، وابنته، وأمه، وأخته، وما أشبه ذلك؛ لأن حماية النفوس ـ كما ذكرنا فيما سبق ـ واجبة، أما ماله فيقول المؤلف:
«دُونَ مَالِهِ» فلا يلزمه الدفاع عنه؛ لأن حرمة المال دون حرمة النفس، ولكن يجوز الدفاع عن ماله وإن قل، حتى وإن كان جرة حبر، أو ريشة قلم.
وقال بعض العلماء: إنه إذا كان المال يسيراً فإنه لا يجوز