الأول: أن في هذا الحديث تصحيفاً، وأن أصله:«أفلح والله»، لكن لما كانوا في الأول لا ينقِّطون، فإن «أبيه» مثل «الله» فيها نبرتان والهاء، لكن قصرت النبرتان وحذف الإعجام فصارت «وأبيه»، وهذا غير صحيح؛ لأن الأصل عدم التصحيف، ولأن هذا يفتح علينا باباً خطيراً بالنسبة للرواة، إذ كل شيء لا تقبله نفوسنا نقول: هذا مصحَّف.
الثاني: أن هذا قبل النهي عن الحلف بالآباء، وأن هذا كان في الأول كثيراً شائعاً، والناس قد ألِفُوه، فتأخر النهي عنه، كما تأخر النهي عن الخمر، فإنها لم تحرم إلا في السنة السادسة من الهجرة، وكذلك الحجاب ما وجب إلا في السنة السادسة من الهجرة؛ لأن الشيء المألوف يصعب على النفس أن تدعه في أول الأمر، فقالوا: إن الشرع تركهم على هذا الشيء؛ لأنه مألوف عندهم، ولما استقر الإيمان في نفوسهم نهى عنه، ويكون قسم الرسول ﷺ«بأبيه» قبل النهي، وحينئذٍ نقول: هو منسوخ.
ولكن النسخ من شروطه العلم بالتاريخ، ومجرد التعليل ليس حكماً بالتقدم أو التأخر، فهذا لا يكفي بل لا بد أن نعلم التأخر، وعلى هذا فالقول بالنسخ ـ أيضاً ـ ضعيف.
الثالث: أن هذا مما يجري على اللسان بغير قصد، فيكون من لغو اليمين، وقد قال الله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩]، ولو فرضنا أن الناس اعتادوا على هذا فإننا نتركهم، وعليه فالذين اعتادوا أن يحلفوا بالنبي ﷺ لا ننهاهم، لأن هذا يجري على ألسنتهم، وقد جاءني رجل يريد أن يستفتيني