[٦٥٩]- وعَن عَلقَمَةَ قَالَ: سَأَلتُ عَائِشَةَ قَالَ: قُلتُ: يَا أُمَّ المُؤمِنِينَ! كَيفَ كَانَ عَمَلُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ هَل كَانَ يَخُصُّ شَيئًا مِنَ الأَيَّامِ؟ قَالَت: لا، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُم يَستَطِيعُ مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَستَطِيعُ؟ ! .
رواه أحمد (٦/ ٤٣ و ٥٥)، والبخاري (٦٤٦٦)، ومسلم (٧٨٣)(٢١٧)، وأبو داود (١٣٧٠)، والترمذي (٢٨٥٦).
ــ
أطلق هنا على الله تعالى على جهة المقابلة اللفظية مجازًا؛ كما قال:{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} و: {فَمَنِ اعتَدَى عَلَيكُم فَاعتَدُوا عَلَيهِ} ووجه مجازه: أنه تعالى لما كان يقطع ثواب عمل مَن ملَّ العمل وَقَطَعَهُ؛ عبّر عن ذلك بالملل؛ من باب تسمية الشيء باسم سببه.
وقول علقمة: هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخص شيئًا من الأيام؟ وجواب عائشة بنفي ذلك، خرج على غير الصيام؛ لأنه قد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يخص الإثنين والخميس بالصيام، فتعيَّن صرف حمله إلى غير ذلك.
وقولها: وأيكم يستطيع ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستطيع؟ هذا يدل على شدة ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه من كثرة التكاليف، والاجتهاد في الوفاء بها؛ وذلك أنه كُلِّف بتكاليف خاصة به؛ كما خُصَّ به من الواجبات زيادة على ما ساوى فيه جميع المكلفين. ثم إنه قد كُلِّف مراعاة مصالح أهل بيته، ومصالح الخلق كلهم، خاصة وعامة، الدينية والدنيوية، هذا بالنظر إلى ظاهر أمره، وأما بالنظر إلى خواصّ باطنه؛ فمما لا يدرك، ولا يمكن وصفه، وغاية العبارة عنه قوله: إني لأعلمكم بالله وأشدكم له خشية (١)؛ ولذلك كان - صلى الله عليه وسلم - متواصل الأحزان، والعبادات، والمشقّات،
(١) رواه أحمد (١/ ٦١ و ٦/ ١٢٢)، والبخاري (٦١٠١)، ومسلم (٢٣٥٦) من حديث عائشة رضي الله عنه.