للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(٤) باب ما جاء: أن التصرية عيب يوجب الخيار]

[١٦٠٦] عَن أَبِي هُرَيرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَن ابتَاعَ شَاةً

ــ

فذهب أبو حنيفة والشافعي إلى أن أجل الخيار غايته ثلاثة أيام في كل شيء؛ تمسُّكًا بهذا الحديث، وبقوله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي شكا إليه: أنه يُخدع في البيوع، فقال له: (إذا بايعت فقل: لا خلابة، وأنت في كل ما تبتاعه بالخيار ثلاثًا) (١).

وذهب مالك إلى أن أجله غير محدود بحدٍّ، إنما هو بحسب ما يحتاج إليه المبيع في اختياره. وذلك يختلف بحسب اختلاف المبيعات. وتفصيله في الفروع. ويعتذر عن تلك الأحاديث بالقول بموجبها؛ فإنها المدة التي تُختبر فيها المصراة، فتعرف عادتها. ولذلك اختلف أصحابنا في الحَلبة الثالثة، هل تعدُّ رضًا أو لا تُعدُّ؟

وقول مالك: إنها لا تُعدُّ رضًا. وهو الصحيح؛ لأن الحلبة الأولى بها ظهرت الدُّلسَة، وبالثانية تحقَّقت، وبالثالثة تُعرف عادتها.

قلت: ولا يتمشَّى هذا إلا إذا حُلبت في كل يوم حلبة. وأما حديث المخدوع: فالقول بموجبه أيضًا؛ فإن ذلك الخيار صار بالشرط لنصّ النبي صلى الله عليه وسلم على اشتراطه، ولا نزاع فيه إذا لم يكن بعيدًا يلزم منه غررٌ، أو يلحق به ضرر، فلو شرط فيما يختبر في عشرة أيام - مثلًا - ثلاثة لصحَّ البيع، ولزم الشرط، ولا يختلف في هذا إن شاء الله تعالى.

ومنها: أنَّ التصرية عيبٌ يوجب الخيار. وهو حجة على أبي حنيفة ومحمد بن الحسن؛ حيث قالا: إنَّ التصرية ليست بعيب، ولا توجب خيارًا. وقد روي عن أبي حنيفة أنها عيب توجب الأرش. وقال زُفر -من أصحاب أبي حنيفة -: يردُّ صاعًا من تمرٍ، أو نصف صاع من بُرٍّ.


(١) رواه البخاري (٢١١٧)، وأبو داود (٣٥٠٠)، والنسائي (٧/ ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>