[٥١٢]- عَن عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَومَ الأَحزَاب: شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاةِ الوُسطَى، صَلاةِ العَصرِ - وفي رواية: حتى غابت الشمس -،
ــ
(٦٩) ومن باب: ما جاء في الصلاة الوسطى
قوله: شغلونا عن الصلاة الوسطى: اختلفوا في الصلاة الوسطى، فقيل: هي مبهمة ليُحَافَظَ على الصلوات كلها. وقيل: الجمعة. وقيل: الصلوات الخمس، قاله معاذ، قال: لأنها أوسط الدين. وقال ابن عباس: هي الصبح، ووافقه مالك والشافعي. وقال زيد بن ثابت، وعائشة، وأبو سعيد الخدري: هي الظهر، وقال علي بن أبي طالب: هي العصر، ووافقه أبو حنيفة، وقال قبيصة بن ذؤيب: هي المغرب. وقال غيره: هي العتمة. وأضعف هذه الأقوال من قال: هي الصلوات كلها؛ لأن ذلك يؤدي إلى خلاف عادة الفصحاء من أوجه:
أحدها: أن الفصحاء لا يذكرون شيئًا مفصلا مبينًا، ثم يذكرونه مجملا، وإنما عادتهم أن يشيروا إلى مجمل أو كلي، ثم يفصلوه؛ كقوله تعالى:{فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخلٌ ورُمَّانٌ} وقد قال الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الوُسطَى} والصلوات: مبيَّن، والصلاة الوسطى: مجمل.
وثانيها: أن الفصحاء لا يطلقون لفظ الجمع ويعطفون عليه أحد مفرداته، ويريدون بذلك المفرد ذلك الجمع، فإن ذلك في غاية العي والإلباس.
وثالثها: أنه لو أراد بالصلاة الوسطى: الصلوات؛ لكان كأنه قال: حافظوا على الصلوات والصلوات. ويريد بالثاني: الأول، ولو كان كذلك لما كان فصيحًا في لفظه، ولا صحيحًا في معناه؛ إذ لا يحصل باللفظ الثاني تأكيد للأول؛ لأنه