الإدلال (١) والانبساط بحكم أنها كأمه من جهة الحضانة والتربية والكفالة، ومسامحة النبي صلى الله عليه وسلم لها في ذلك على جهة الإكرام لها والقيام بحقها، ومع ذلك فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يسوسها ويتلطف بها إلى أن أخذ منها ما ليس لها وأعطاها ما كان لها مُستَرضِيًا لها ومطيِّبًا قلبها على كرم خلقه وحُسن محاولته صلى الله عليه وسلم.
وفيه دليل على أن ما وُهِبَت منفعته فإذا انقضت وَجب ردُّ الأصل، ولا خلاف فيه.
(٤) ومن باب: العمرى
(قوله: أيُّما رجل أعمر عُمرى له ولعقبه) العمرى في اللغة: هي أن يقول الرَّجل للرَّجل: هذه الدار لك عمري أو عمرك. وأصلها من العمر؛ قاله أبو عبيد. وقال غيره: أعمرته الدَّار جعلتها له عمره. وقال الحربي: سمعت ابن الأعرابي يقول: لم يختلف العرب أن هذه الأشياء على ملك أربابها: العمرى، والرُّقبى، والسُّكنى، والإطراق، والمنحة، والعرية، والعارية، والأفقار. ومنافعها لمن جعلت له.
قلت: وعلى هذا: فالعُمرى الواردة في الحديث حقها أن تحمل على هذا. فتكون: تمليك منافع الرَّقبة مدة عمر من قُيِّدت بعمره، فإن لم يذكر عقبًا؛ فمات المُعمَرُ رجعت إلى الذي أعطاها ولورثته. فإن قال: هي لك ولعقبك؛ لم ترجع إلى الذي أعطاها إلا أن ينقرض العَقِبُ.